الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
قال الغزالي: الصبر ملاك الإيمان لأن التقوى أفضل البر والتقوى بالصبر والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين وجميع مقامات السالكين ينتظم من معارف وأحوال وأعمال فالمعارف هي الأصول وهي تورث الأحوال والأحوال تثمر الأعمال فالمعارف كالأشجار والأحوال كالأغصان والأعمال كالثمار وهذا مطرد في جميع منازل السالكين إلى اللّه واسم الإيمان تارة يختص بالمعارف وتارة يطلق على الكل وكذا الصبر لا يتم إلا بمعرفة سابقة وبحالة قائمة والصبر على التحقيق عبارة عنهما ولا يعرف هذا إلا بمعرفة كيفية الترتيب بين الملائكة والإنس والبهائم فإن الصبر خاصية الإنس ولا يتصور ذلك في البهائم لنقصانها ولا الملائكة لكمالها لأن البهائم سلطت عليها الشهوات فصارت مسخرة لها فلا باعث لها على حركة أو سكون إلا هي ولا قوة لها تصادم الشهوة حتى تسمى ثبات تلك القوة صبراً والملائكة جرّدوا للأشواق إلى الحضرة الربوبية والابتهاج بدرجة القرب منها ولم يسلط عليها شهوة صادة صارفة عنها حتى يحتاج إلى مصادمة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجند آخر وأما الإنسان فقد تعارض فيه الأمران فاحتاج إلى ثبات جند في مقابلة جند آخر قام للقتال بينهما لتضاربهما وذلك هو حقيقة الصبر.
- (ع طب في مكارم الأخلاق عن جابر) قال الهيثمي: فيه يوسف بن محمد ابن المنكدر متروك وقال النسائي: ضعيف انتهى. وفي الميزان عن النسائي متروك الحديث ثم ساق له مما أنكر عليه هذا الخبر.
3100 - (الإيمان بالقدر نظام التوحيد) إذ لا يتم نظامه إلا باعتقاد أن اللّه تعالى منفرد بإيجاد الأشياء على ما هي عليه وأن كل نعمة منه فضل وكل نقمة عدل وأنه أعلم بطباع خلقه منهم وأنه غير ملوم ولا مطعون عليه وأن له تكليفهم بما شاء من الأفعال مع تقدير أسباب منعهم منها وهو تكليف ما لا يطاق.
- (فر عن أبي هريرة) وفيه محمد بن معاذ قال في الميزان فيه لين وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال حديث لا يصح ومحمد بن معاذ في حديثه وهم.
3101 - (الإيمان بالقدر) بفتحتين (يذهب الهم والحزن) لأن العبد إذا علم أن ما قدره اللّه في الأزل لا بد من وقوعه وما لم يقدره يستحيل وقوعه استراحت نفسه وذهب حزنه على ما وقع له من المكروه الماضي ولم يهتم لما يتوقعه وأذى الناس للعبد لا بد له منه كالحر والبرد لا حيلة فيه والمتسخط من أذاهما غير عاقل والكل جار بقدر ومن ثم قال ذو النون: من وثق بالمقادير لم يغتم ومن عرف اللّه رضي باللّه وسر بقضائه وقال بعضهم: الإتكال على القضاء أروح وقلة الاسترسال أحزم.
- (ك في تاريخه والقضاعي) في مسند الشهاب (عن أبي هريرة) وفيه السدي بن عاصم الهمداني مؤدب المعتز قال في الميزان وهاه ابن عدي وقال يسرق الحديث وكذبه ابن خراش قال ومن بلاياه هذا الخبر وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال السري قال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به.
3102 - (الإيمان عفيف عن المحارم عفيف عن المطامع) أي شأن أهله تجنب المحرمات والاكتفاء بالبلغة وترك التشوق إلى المفقود والاستغناء بالموجود والعفة قمع النفس عن تعاطي ما لا ينبغي.
- (جل) من حديث بشر بن منصور عن عمارة بن راشد (عن محمد بن النضر الحارثي) الصوفي الزاهد (مرسلاً) ثم قال: وهذا مما لا يعرف له طريقاً عن محمد إلا مرسلاً وهذا نقل الرواية عنه نقلاً وحفظ عنه أحاديث لم يذكر إسنادها فذكرها إرسالا قال: وكان محمد وضرباؤه من [ص 188] المتعبدين لم يكن من شأنهم الرواية كانوا إذا وصوا إنساناً أو وعظوه ذكروا الحديث عن النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم إرسالاً.
3103 - (الإيمان بالنية واللسان) أي يكون بتصديق القلب والنطق بالشهادتين (والهجرة) من بلاد الكفر إلى ديار الإسلام تكون (بالنفس والمال) متى تمكن من ذلك فإن لم يتمكن إلا بنفسه فقط هاجر بها لأن الميسور لا يسقط بالمعسور .
قال القونوي: للإيمان صورة وروح ولكل منهما صفتان ولكل صفة حكمان وصفة صورة الإيمان هي المعبر عنها بقولهم الإيمان إقرار باللسان وعمل بالأركان وله شرطان معنويان عليهما يتوقف صحة الإقرار والعمل وهما النية والإخلاص إذ بهما يثبت الانقياد المحقق والتمييز بين المنافق ولهذين الشرطين حكمان أحدهما زماني والآخر مكاني فالزماني كأوقات الصلاة وهو اسم الصوم والحج والمكاني استقبال القبلة ووجوب اجتناب الصلاة في البيع المصورة والمواضع النجسة ونحو ذلك وفي الحج يجتمع أحكام الزمان والمكان والتصديق الذي هو روح الإيمان ينقسم قسمان جملي وهو تصديق المخبر الصادق على وجه كلي إما بأمر يجده في نفسه دون سبب خارجي أو يكون الموجب له آية ومعجزة والقسم الآخر تصديق تفصيلي منسحب الحكم على أفراد اختبارات المخبر المصدق وما يتضمنه من الأمور المحكوم بوقوعها ويتبع ذلك رغبة أو رهبة موجبات استحضار ما قرن المخبر الصادق بإخبار أنه من تفاصيل الوعد والوعيد ولهذا الاستحضار درجات.
- (عبد الخالق بن زاهر الشحاني) بضم المعجمة وإهمال الحاء ثم نون محدث مشهور (في الأربعين عن عمر) بن الخطاب رضي اللّه عنه.
3104 - (الإيمان والعمل أخوان) أي (شريكان في قرن واحد لا يقبل أحدهما إلا بصاحبه) لأن العمل بدون الإيمان الذي هو تصديق القلب لا فائدة له والتصديق بمجرده بلا عمل لا يكفي أي في الكمال.
- (ابن شاهين في السنة) عن علي أمير المؤمنين وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد خرجه الحاكم والديلمي باللفظ المزبور عن عليٍّ المذكور.
3105 - (الإيمان والعمل قرينان لا يصلح كل واحد منهما إلا مع صاحبه(1)) وهما الخلطان اللذان يتركب منهما الأدوية لأمراض القلوب كلها.
- (ابن شاهين) في السنة (عن محمد بن علي) بن أبي طالب الهاشمي أبي القاسم بن الحنفية ثقة المدني عالم من الطبقة الثانية (مرسلاً) وأخرجه عنه الحاكم أيضاً قال: ومحمد بن علي هذا لا يبعد أن يكون ابن الحنفية.
-------------------------
(1) أي فإذا انتفى الإيمان لم ينفع العمل وإذا انتفى العمل لم يكمل الإيمان.
-------------------------
3106 - (الإيمان نصفان فنصف في الصبر ونصف في الشكر) أي ماهية مركبة منهما وذلك لأن الناس صنفان معطى فعليه الشكر وممنوع فعليه الصبر فإذا شكر هذا فقد أتى من الإيمان بنصفه وإذا صبر هذا فقد أتى من الإيمان بنصفه أو يقال وجه التصنيف أن الإيمان اسم لمجموع القول والعمل والنية وهي ترجع إلى شرطين فعل وترك فالفعل العمل بالطاعة وهو حقيقة الشكر والترك الصبر عن المعصية والدين كله في هذين فعل المأمور وترك المحظور وأن الإيمان مبني على [ص 189] ركنين يقين وصبر فباليقين يعلم حقيقة الأمر والنهي والثواب والعقاب وبالصبر ينفذ ما أمر به ويكف نفسه عما نهي عنه ولا يحصل له التصديق بذلك إلا باليقين ولا يمكن الدوام على فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر فصار الصبر نصفاً والشكر نصفاً قال الغزالي رحمة اللّه عليه: فالجهل بحقيقة الصبر والشكر جهل بكلا شطري الإيمان ثم هو غفلة عن وصفين من أوصاف الرحمن ولا سبيل للوصول إلى القرب إلى اللّه تعالى إلا بالإيمان وكيف يتصور سلوك الإيمان دون معرفة ما به الإيمان ومن به الإيمان فهذا قاله في موضع وقال في آخر هذا باعتبار النظر إلى الأعمال والتعبير عنها بالإيمان.
- (هب عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي قال الذهبي وغيره: متروك ورواه القضاعي بهذا اللفظ وذكر بعض شراحه أنه حسن.
3107 - (الإيماء خيانة) أي الإشارة بالعين والحاجب أو غيرهما خفية من الخيانة المنهي عنها (وليس لنبي أن يومىء) وهذا قاله لما أمر بقتل ابن أبي سرح يوم الفتح كان رجل من الأنصار نذر إن رآه أن يقتله فجاء عثمان فشفع له وقد أخذ الأنصاري بقائم السيف ينتظر النبي صلى اللّه عليه وسلم متى يومىء إليه فشفع عثمان حتى تركه فقال صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم للأنصاري هلا وفيت بنذرك قال: انتظرت متى تومىء فذكره.
- (ابن سعد) في الطبقات (عن سعيد بن المسيب مرسلاً) وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعفوه قال ابن عساكر: وروى معناه الحسن بن بشر عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس.
3108 - (الأئمة من قريش) لفظ الأئمة جمع تكسير معرف باللام ومحله العموم على الصحيح وبه احتج الشيخان يوم السقيفة فقبله الصحب وأجمعوا عليه ولا حجة لمن منع اشتراط القرشية في خبر السمع والطاعة ولو عبد لحمله على من أمره الإمام على نحو سرية أو ناحية جمعاً بين الأدلة قال السبكي: وفيه شاهد للشافعي بالإمامة بل بانحصار الإمامة لأن الأئمة من قريش يدل بحصر المبتدأ على الخبر عليه ولا يعني بالإمامة إمامة الخلافة فحسب بل هي وإمامة العلم والدين (أبرارها أمراء أبرارها وفجارها أمراء فجارها) قال ابن الأثير: هذا على جهة الإخبار عنهم لا على طريق الحكم فيهم أي إذا صلح الناس وبروا وليهم الأخيار وإذا فسدوا وفجروا وليهم الأشرار وهو كحديثه الآخر كما تكونوا يولى عليكم قال ابن حجر: وقع مصداق ذلك لأن العرب كانت تعظم قريشاً في الجاهلية بسكناها الحرم فلما بعث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ودعى إلى اللّه توقف غالب العرب عن اتباعه وقالوا: ننظر ما يصنع قومه فلما فتح مكة وأسلمت قريش تبعوهم ودخلوا في دين اللّه أفواجاً واستمرت الخلافة والإمارة فيهم وصارت الأبرار تبعاً للأبرار والفجار تبعاً للفجار (وإن أمرت عليكم قريش عبداً حبشياً مجدعاً) بجيم ودال مقطوع الأنف أو غيره (فاسمعوا له وأطيعوا ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه فإن خير بين إسلامه وضرب عنقه فليقدم عنقه) ليضرب بالسيف ولا يرتد عن الإسلام ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق بحال.
ذهب الجمهور إلى العمل بقضية هذا الحديث فشرطوا كون الإمام قرشياً وقيده طوائف ببعضهم فقالت طائفة وهم الشيعة: لا يجوز إلا من ولد عليٍّ. وقالت طائفة: يختص بولد العباس وهو قول أبو مسلم الخراساني وأتباعه. وقالت طائفة: لا يجوز إلا من ولد جعفر بن أبي طالب نقله ابن حزم. وقالت أخرى: من ولد عبد المطلب. وقال بعضهم: لا يجوز إلا من ولد أمية وبعضهم لا يجوز إلا من ولد عمر. قال ابن حزم: ولا حجة لأحد من هؤلاء الفرق وقال الخوارج وطائفة من المعتزلة: يجوز كون الإمام [ص 190] غير قرشي وإنما الإمام لمن قام بالكتاب والسنة ولو أعجمياً وبالغ ضرر ابن عمر فقال: تولية غير القرشي أولى لأنه أقل عشيرة فإذا عصى أمكن خلعه. قال ابن الطيب: ولم يعرج على هذا القول بعد ثبوت خبر الأئمة من قريش وانعقد الإجماع على اعتباره قبل وقوع الخلاف قال ابن حجر: عمل بقول ضرار من قبل أن يوجد من قام بالخلافة من الخوارج على بني أمية كقطري ودام فتنتهم أكثر من عشرين سنة حتى أييدوا فكذا من تسمى بأمير المؤمنين من غير الخوارج كابن الأشعث ثم تسمى بالخلافة من قام في قطر من الأقطار في وقت ما فتسمى بالخلافة وليس من قريش كبني عباد وغيرهم بالأندلس وكعبد المؤمن وذويه ببلاد المغرب كلها وهؤلاء ضاهوا الخوارج في هذا ولم يقولوا بأقوالهم ولا تمذهبوا بمذاهبهم بل كانوا من أهل السنة داعين إليها وقال عياض: اشتراط كون الإمام قرشياً مذهب كافة العلماء وقد عدوها في مسائل الإجماع ولا اعتداد بقول الخوارج وبعض المعتزلة قال ابن حجر: ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر فقد أخرج أحمد عنه بسند رجاله ثقات أنه قال: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حيّ استخلفته فإن أدركني أجلي بعده استخلفت معاذ بن جبل ومعاذ أنصاري لا قرشي فيحتمل أن يقال لعل الإجماع انعقد بعد عمر أو رجع عمر.
- (ك) في المناقب (هق عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: حديثه منكر وقال ابن حجر رحمه اللّه: حديث حسن لكن اختلف في رفعه ووقفه ورجح الدارقطني وقفه قال: وقد جمعت طرق خبر الأئمة من قريش في جزء ضخم عن نحو أربعين صحابياً فقول العلائي لم أجده ذهول قال التاج السبكي رحمه اللّه تعالى: ذكر في المجموع أن حديث الأئمة من قريش في الصحيحين ولعله أراد بالمعنى وإلا فالذي فيهما لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان قال ابن حجر: وفيهما الناس تبع لقريش.
3109 - (الأيم) في الأصل من لا زوج له والمراد هنا عند الشافعي الثيب بأي طريق كان كما يفيده عطف البكر عليها إذ الشيء لا يعطف على نفسه وما خالفه فزائل عن الظاهر تابع لدليله (أحق بنفسها من وليها) في الرغبة والزهد في الزواج وفي اختيار الزوج لا في العقد فإن مباشرته لوليها لخبر لا نكاح إلا بولي ونبه بأحق على أن لوليها حقاً أيضاً لكن حقها آكد وآمن ثم قالوا: لو أراد تزويجها كفؤاً وامتنعت لم تجبر وفي عكسه تجبر (والبكر البالغ تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها في تزويجه إياها أياً كان أو غيره (وأذنها صماتها) بالضم سكوتها قال الشافعية: مفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيل بأخص أوصافه دلّ على أن ما عداه بخلافه فقوله أحق بنفسها جمع نصاً ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييباً لنفسها لا وجوباً عند الشافعي بدليل جعله صماتها إذنها والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.
- (مالك) في الموطأ (حم م ع) كلهم في النكاح (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً الشافعي ولم يخرجه البخاري.
3110 - (الأيمن فالأيمن) أي ابتدؤا بالأيمن أو قدموا الأيمن يعني من عند اليمين في نحو الشرب فهو منصوب وروى رفعه وخبره محذوف أي الأيمن أحق ورجحه العيني بقوله في بعض طرق الحديث الأيمنون فالأيمنون وكرر لفظ الأيمن للتأكيد إشارة إلى ندب البداءة بالأيمن ولو مفضولاً وحكى عليه الاتفاق بل قال ابن حزم: لا يجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه قال ابن العربي: وكل ما يدور على جمع من كتاب أو نحوه فإنما يدور على اليمين قياساً على ما ذكر وتقديم من [ص 191] على اليمين ليس لمعنى فيه بل المعنى في جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحاً لمن عن اليمين بل لجهته ولا يعارض هذا ما مرّ في خبر الأمر بمناولة السواك الأكبر ولا ما يجيء في خبر من قوله في القسامة كبر كبر ولا قوله في حديث أبي يعلى: كان إذا سقي قال: ابدأوا بالكبير لحمله على الحالة التي يجلسون فيها متساويين بين يديه أو عن يساره أو خلفه فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن أو يخص من عموم الأمر بالبداءة بالكبير ما لو قعد بعض عن يمين الرئيس وبعض عن يساره ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير والمفضول على الفاضل فالأيمن لم يمتز بمجرد القعود في الجهة اليمنى بل لخصوص كونها يمين الرئيس فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل وأخذ من الحديث أن كل ما كان من أنواع التكريم يقدم فيه من على اليمين.
- (مالك حم ق ع عن أنس) قال: أتي النبي بلبن شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن شماله أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي ثم ذكره وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله عند الكل والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البخاري: ألا فيمنوا هذا لفظه في كتاب الكتابة وفيه ندب التيامن وتفضيل اليمين على الشمال وأن ما يتناول من نحو طعام وشراب فالسنة إدارته من جهة اليمين وأن الجلوس عن يمين الإمام والعالم أفضل وإن كل من أكل أو شرب في مجلس ندب له أن يشرك أهل المجلس فيه وأن من جلس مجلساً مشتركاً فهو أولى بمجلسه ولا يقام عنه وإن كان ثم أفضل منه وغير ذلك.
|